ورد في مقالة البروفسور الدّكتور "محمد أوزكارجيلار" الذي يعمل مدرّساً في جامعة "سوتشي إمام" في مدينة كهرمان مرعش، مايلي:
"بعد اعتناقهم للدّيانة المسيحية في العهد الرّوماني، لجأ سبعة شبابٍ (يمليها، ميسلينا، مكسيلينا، ميرنوس، تبرينوس، سازينوس وكافيستاتيوس) برفقة كلبهم الذي يحمل اسم (قطمير) إلى مغارةٍ للاحتماء من ظلم الوثني (داكيانوس).
وقد قام جنود داكيانوس ببناء جدارٍ على بوّابة المغارة لمنع هؤلاء الشّباب من الخروج إلى خارج المغارة. وبعد قيام جنود الوثني داكيانوس بهذه الخطوة، دخل الشّباب السّبعة في سباتٍ عميق امتدّ لمئات السّنين. وعندما استيقظ الشّباب من نومهم، ظنّوا بأنّهم لم يناموا سوى ليلةٍ واحدة، مُتجاهلين أنّهم أمضوا 309 سنة في سباتهم، وذلك بحسب ما ذُكر في سورة الكهف.
وعندما خرج أحدهم لجلب بعض الاحتياجات الغذائيّة، لاحظ تغيّر كل شيئ في الخارج.
إنّ الفكر المُشترك بين العقديدتين الإسلامية والمسيحية فيما يخصّ هذه الرّواية، هو الاختلاف حول مكان وجود هذه المغارة. فهناك العديد من المغارات التي تُطلق عليها اسم أصحاب الكهف سواء في القارة الأوروبية والأسيويّة والأفريقية.
وهناك أيضاّ أربعة مغارات تحمل اسم أصحاب الكهف. فهذه المغارات موجود في مناطق سلجوق وليجا وطرسوس وأفشين. وعلى الرّغم من ادّعاء سكّان هذه المناطق بأنّ أصحاب الكهف نزلوا في المغارة الموجودة في مناطقهم، إلّا أنّ الاكتشافات والبحوث الأثرية تُرجّح أنّ أصحاب الكهف تواجدوا في إحدى المغارتين الموجودتين في منطقتي (طرسوس وأفشين). وإنّ معظم علماء الدّين الإسلامي يتّفقون على أنّ حادثة أصحاب الكهف جرت في مغارة "أفسوس" الموجودة في منطقة أفشين.
من خلال ما قُمنا به من بحثٍ وتمحيص حول أسرار هذه الحادثة، لم نجد في الأماكن الأخرى التي تدّعي وجود مغارة أصحاب الكهف على أراضيها، ما يدلّ بالفعل على وجود هذه المغارة مثل الدّلائل الموجودة في أفشين، حيث تحتوي هذه المنطقة على كليّة عظيمة تعود إلى ذلك الزّمن. وبالإضافة إلى هذا، فإنّ أهالي مدينة كهرمان مرعش لا زالوا يسمّون أولادهم بأسماء الشّباب السّبعة الذين تدور قصّة أصحاب الكهف حولهم. وهذا الأمر دليل على وقوع حادثة أصحاب الكهف في المغارة الموجودة في مدينة كهرمان مرعش.
كليّة أصحاب الكهف موجودة في منطقة أفشين التّابعة لولاية كهرمان مرعش التركية. وقد تمّ بناء هذه الكليّة خلال العصور القديمة، عطفاً على الشّباب السّبعة الذين تدور حولهم قصّة أصحاب الكهف. وتمّ بناء الكليّة التي تعدّ مُقدّسة بالنسبة لأهل المنطقة، مقابل قمّةٍ صخريّة يتدفّق عليها الزّوار من كل بقاع الأرض.
وقصّة هذه الكليّة تُعرف من قبل جميع سكّان هذه المنطقة، وذلك لأهميّتها التّجارية والثّقافية والعلمية، بالإضافة إلى الفن المعماري التركي المُنعكس على جدران الكليّة.
وبحسب ما ورد في آيات القران الكريم، فإنّ هؤلا الشّباب ماتوا بعد فترةٍ قصيرة من استيقاظهم والذين عاصروا هذه الحادثة، قاموا ببناء كنيسةٍ بجوار المغارة التي ناموا فيها لمئات السنين. بحسب ما تبقّى من مصادر من تلك الأيام، فإنّ الإمبراطور البيزانطي "ثيودور الثّاني أمر ببناء الكنيسة المذكورة. ومع مرور الأيام تحوّل اسم الكنيسة إلى مسجد عيسى قبل أن تتحوّل إلى خرابةٍ. ومن ثمّ قام الأمير السلجوقي "نصر الدّين حسن بيك" المسؤول عن ولاية كهرمان مرعش، بتشييد عدّة مباني مكان تلك الكنيسة.
ففي عام 1215 تمّ إنشاء مبنى الرّباط من أجل استيعاب الزّوار الذين يأتون لرؤية المغارة وتأمين احتياجاتهم من مسكنٍ وما شابه ذلك أثناء القيام بالزّيارة. وما بين عامي 1215 و1234 تمّ إنشاء جامعٍ وخانٍ كبير، حيث تمّ بذلك إعادة إنشاء الكليّة الكبيرة.
ومع مرور الزّمن تمّ توسيع الكلية، حيث تمّت إضافة مدرسة في عهد (1480 – 1492) "دول قادر" ومسجدٍ للنساء عام 1500. أمّا العثمانيّون، أنشؤوا جناحاً للباشا في عام 1531.
فكلّ هذه الدّلائل، تدلّ على الاهتمام البالغ الذي أولاه الأتراك لهذه المغارة. كما تدلّ على جريان حدث أصحاب الكهف في منطقة أفشين وفي مغارة أفسوس.
إنّ مسألة أصحاب الكهف تستحوذ على اهتمام بالغٍ لدى العقيدة الإسلامية والمسيحية. فالسّورة رقم 18 من القرآن الكريم تحمل اسم الكهف. والمسيحيّون يصفون الشّباب الذين قضوا سنين طويلة في المغارة بالأعزّاء. وبالإضافة إلى العقيدة الإسلامية والمسيحية، فإنّنا نجد لهذه المسألة صدىً لدى العقيدة اليهودية والهنديّة.
هذه المغارة التي قلّ نظيرها في العالم، تعدّ رمزاً للتّسامح وباباً للزّيارة العقديّة. وبهذا الصّدد ندعو الجميع لزيارة هذا المكان التّاريخي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق