عُرفت مدينة إسطنبول تاريخيًا بأسماء عديدة ابتداءً ببيزنطة والقُسْطَنْطِيْنِيَّة والأسِتانة وانتهاءً بإسلامبول. أكبر مدن الجمهورية التركية وهي تُعد في المرتبة الخامسة في العالم بعدد السكان، حيث يزيد عدد سكانها عن ١٣ مليون نسمة. ورغم أنها ليست العاصمة إلا أنها تُعتبر المركز الثقافي والاقتصادي والماليّ، وهي منذ ١٩٨٥ على قائمة مواقع التراث العالمي التابعة لليونسكو.
إسطنبول مدينة جميلة وعريقة: من الجهة الغربية لمضيقها البوسفور، ومرفؤها الطبيعي "القرن الذهبي" (Haliç أو Altın Boynuz)، تبدأ أوروبا ومن شرقها آسيا أو "الأناضول"، وهي بذلك المدينة الوحيدة في العالم التي تمتد على قارتين. الكثير من الإمبراطوريات والشعوب حكمت إسطنبول وتاريخها القديم زاخر وعريق وغني. وقد كانت عاصمة للإمبراطورية الرومانية ثم البيزنطية ثم اللاتينية ثم العثمانية، ولكنها كانت أبدًا محفوفة بنوع ما من القداسة ذات مكانة دينية بارزة. وقد اكتسبت أهمية دينية لدى المسيحيين بعد اعتناق الإمبراطورية البيزنطية لهذا الدين، ثم تحولت إلى عاصمة الخلافة الإسلامية حتى عام ١٩٢٤.
وبعد تأسيس الجمهورية التركية ونقل العاصمة إلى أنقرة، ضعفت مكانة إسطنبول قليلا، لكن الأمر تغير في سنوات الأربعين والخمسين من القرن الماضي، فمرت المدينة بتغييرات جذرية من إنشاء الميادين والجادات والطرق، مثل "ميدان تقسيم"، ونتيجة للهجرات وتصنيع أطراف المدينة تغير التركيبة السكانية للمدينة من جاليات أجنبية إلى أحياء عمالية.
يسود إسطنبول مناخ معتدل بشكل عام، رغم أنها تقع بين مناطق يسودها المناخ المحيطي وأخرى يسودها المناخ المتوسطي. الصيف فيها حار ورطب وشتاؤها بارد ورطب وغالبًا ما تتساقط خلاله الثلوج. كما تكون صباحات إسطنبول ضبابية في كل السنة تقريبًا، مستمرًا حتى الظهيرة.
تُقسم إسطنبول إلى ٣٩ مقاطعة، ٢٧ منها هي المدينة الفعلية، وتُعرف باسم "إسطنبول الكبرى"، وهي تتألف من ثلاث مناطق أساسية: شبه جزيرة إسطنبول القديمة التاريخية؛ مقاطعتيْ "باي أوغلو" و"باشيقطاش" التاريخيتين؛ ومقاطعتي "أسكودار" و"خلقيدونية". وبما أنّ إسطنبول كانت على مرّ التاريخ موقع انصهار للثقافات والأعراق فيجد فيها المرء المساجد والكنائس والمعابد والقصور والقلاع والأبراج التاريخية، وكلها تشكل عناصر جذب للسياح ومن رموز المدينة المركزية.
في إسطنبول مطار أتاتورك الدولي، أحد أضخم المطارات في المنطقة، يقع في الجانب الأوروبي من المدينة، وإلى جانبه مطار صبيحة گوكجن الدولي، على الجانب الآسيوي. كما تُعتبر الملاحة البحرية مهمة في إسطنبول، حيث تشكل عبّارات الركاب أساس التنقل اليومي بين قسمي المدينة عبر شركة حافلات إسطنبول البحرية. وهناك الطريق الأوروبية E80، المعروفة أيضًا باسم "الطريق الأوروبية السريعة" (Avrupa Otoyolu) التي تربط تركيا بأوروبا. كما أنّ شبكة الطرقات في إسطنبول متطورة ومنظمة للغاية وتتوسّع باستمرار. وعلى مستوى السكة الحديدة فإنّ إسطنبول معروفة عالميًا بخطها المسمى "قطار الشرق السريع"، الذي يبدأ فيها وينتهي في باريس، وورد ذكره في أعمال أجاثا كريستي وغراهام غرين. كما تنتشر القاطرات الكهربائية والسكك الحديدية المعلقة وقطارات الأنفاق.
أما من عهد الإغريق فنجد من آثارهم "برج العذراء"، ومن العمارة الرومانية هناك عمود قسطنطين ( Çemberlitaş sütunu)، ومن النمط البيزنطي هناك كنيسة "آيا أيرين" وقصر القسطنطينية الكبير، ومن النمط الجنوي دار البلدية (Palazzo del Comune)، ومن النمط العثماني قلعة "أناضول حصار" وقلعة "روملي حصار" ومسجد أبي أيوب الأنصاري" (Eyüp Sultan Camii).
أما أبرز معالم إسطنبول فهي كالتالي:
- آيا صوفيا: تأسست ككاتدرائية البطريركية الأرثوذكسية وبعد الفتح الإسلامي تحوّلت إلى مسجد، ثم أصبحت متحفًا. ويُعتبر الموقع من أهم مواقع إسطنبول وتركيا وهو تحفة معمارية بالغة الخصوصية على مستوى العالم بأسره، ومن أشهر الأماكن السياحية في العالم.
- مسجد السلطان أحمد: شيّده السلطان "أحمد الأول" بين الأعوام ١٦٠٩ و١٦١٦، ويُعرف أيضًا باسم المسجد الأزرق، بسبب البلاط الأزرق الذي يُزين داخله. فيه قبر السلطان المؤسس وحتى عام ١٩٧٦ كان يظهر على لعملة الورقية التركية من فئة ٥٠٠ ليرة.
- مسلة تحتموس الثالث: كانت المسلة قائمة في معبد الكرنك جنوب الصّرح السابع، حيث رفعها الفرعون "تحتموس الثالث" ثم نقلت إلى الإسكندرية وظلت هناك حتى سنة ٣٩٠، عندما أمر الإمبراطور ثيودوسيوس الأول بنقلها إلى القسطنطينية.
- المسجد الجديد: ويُعرف أيضًا باسم مسجد "ياني" أو مسجد "والدة السلطان"، ويقع عند مضيق القرن الذهبي. وهو من أشهر معالم إسطنبول.
- قصر الباب العالي: كان مقرّ السلاطين الرئيسي خلال ٤٠٠ سنة، حتى عام ١٨٥٦. بدأ محمد الفاتح ببنائه بعد غزو القسطنطينية، وهو يجتذب إليه اليوم أعدادًا هائلة من السياح، ويُقال إنه يحوي عباءة النبي محمد وسيفه.
- جسر البوسفور: يُسمى أيضًا جسر البوسفور الأول، وهو أحد الجسرين اللذين يربطان أوروبا مع آسيا. طوله ١,٥١٠ أمتار وقد حاز المركز الرابع بين أطول الجسور المعلقة في العالم.
- قصر السلاطين: ويُعرف أيضًا بقصر دولما بهجة، وكان مقر السلاطين منذ عام ١٨٥٦ حتى سنة ١٩٢٢، وقد تكلّف بناؤه خمسة ملايين ليرة عثمانية مجيدية، أي قرابة ٣٥ طنًا من الذهب.
- قصر يلدز: شُيّد عام ١٨٨٠، وكان مقرّ السلطان عبد الحميد الثاني وحاشيته. عبارة عن مجمع من البيوت الصغيرة ودور متعددة كان السلاطين العثمانيين يلجأون إليها للابتعاد عن مشاكل الحكم وهمومه وللاستراحة من متاعب العمل بين الحين والأخر.
كما أنّ إسطنبول مركز ثقافي واسع، وهي نعمة للمستوقين والباحثين عن الاستجمام والحياة الليلية والمطاعم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق