مع تزايد انخراط أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ سوري في المجتمع التركي، تنتشر الحركة التجارية والشراكات التي تعود لمستثمرين سوريين في شتى المجالات، ولا سيما تلك التي تلقى رواجا وغير معروفة -في الوقت ذاته-بالأسواق التركية، لاختلاف الأذواق بين الشعبين.
وقد حفّزت الصاغة التركية التي لا تلبي أذواق السوريين، وظروفهم المالية في كثير من الأحيان، تُجار الذهب السوريين لفتح محال صاغة، أخذت في الانتشار بعموم المدن التركية، تشير تقديرات مهنيين إلى أنها تجاوزت المائة محل.
واحتل السوريون المرتبة الأولى بعدد الشركات المرخصة في تركيا، للعام الثاني على التوالي، إذ زاد عدد الشركات السورية عام 2015 عن 1284 وحدة، باستثمارات تزيد عن خمسة مليارات دولار.
تلبية للسوريين
ويقول الصائغ أحمد أبو شعر، وهو مالك أحد محلات الذهب السورية بإسطنبول، إن توجه رجال الأعمال السوريين لفتح ورش لصناعة الذهب أو محال صياغة لبيعها، جاء بناء على زيادة الطلب من اللاجئين السوريين في تركيا، خاصة من يريد أن يبيع بعض مصاغه ذات العيار 21 قيراطاً، والتي غالبا لا تجد من يشتريها في تركيا.
ويشير أبو شعر، الذي اختار حي الفاتح مقراً لمحله نظرا لكثافة السوريين هناك، إلى أن إسطنبول وحدها تحوي نحو 40 محل صياغة سوريا، يبيعون “الذهب السوري” ذا العيار 21 فقط، وهو ما لا يتعامل به الأتراك، لا مبيعاً ولا شراء.
ولفت إلى أن الذهب السوري يُصنع خصيصاً بورشات صاغة جلها في مدينة غازي عنتاب على الحدود السورية، وتأتي لمحال إسطنبول وغيرها، بناء على طلب الصاغة.
إحجام الأتراك
اشترى سوريون، وخلال السنتين الأولى من وجودهم بتركيا، الذهب التركي عيار 22 قيراطاً، لكن معظمهم توجه للمحال السورية التي انتشرت بتركيا، كما بقية السلع الأخرى التي اعتادها السوريون، و الملفت أن الأتراك لا يشترون الذهب السوري، رغم انتشار ماركات عالمية.
ويعزو أحد الباعة بمحل صاغة سوري، السبب إلى العادات والتقاليد التركية، فغالبية الزبائن الأتراك لايتداولون الذهب من عيارات غير 22 قيراطاً، لافتاً أن ذهب أحد العلامات التجارية السورية المعروفة إقليميا، مرتفع الثمن، وهو سبب إضافي يجعل الأتراك يحجمون عن التعامل به.
ويقول صائغ باحد المحال السورية بإسطنبول لـ “العربي الجديد”: “أنا أشتري الذهب من عيار 22 قيراطاً، لأن كثير من السوريات امتلكنه خلال السنوات السابقة، وأبيعه للشركة التركية التي تصنع لي ذهب عيار 21 قيراطاً”.
وحول خلاف السعر فيما بين الصنفين، يضيف المتحدث نفسه: “سعر غرام الذهب السوري اليوم على سبيل المثال، ووفق السعر العالمي، 111 ليرة تركية للغرام الواحد، في حين سعر غرام الذهب التركي 115 ليرة”.
منافسة مُجدية
يقول صاحب إحدى شركات تصنيع الذهب بإسطنبول، التركي مصطفى شيميرين، إن محال الصاغة السوريين ليسوا منافسين لنظرائهم الأتراك، لأنهم يبيعون عيارات وطرازات مختلفة، لا يشتري الأتراك منها، في حين ما يزال نحو 30% من زبائنه سوريين، رغم فتح محال صياغة سورية، والسبب برأيه يرجع إلى جودة الذهب التركي وحداثة موديلاته.
وقال بائع الذهب بالجملة لمحال السوريين، ياسر حسون، من مدينة حلب السورية: “بعض السوريين يفضلون اقتناء الذهب التركي، ولم نجذب الأتراك للذهب السوري”.
ونفى حسون لـ “العربي الجديد”، أن يكون في تركيا جمعية للصائغين السوريين، كما تداول بعض الصاغة مؤخرا.
تهريب الذهب
ودحض تاجر الذهب ياسر حسون، ما يشيعه البعض، عن أن محال الذهب السوري بتركيا تأتي بالذهب من سورية، قائلا: “لا حاجة للمخاطرة وتحمل مزيد من التكاليف، فالذهب هنا متوفر ومن عيار 24 قيراطاً، نشتريه ونصيغه وفق نسبة الخلط بالنحاس ليصبح من عيار 21، وعملنا مراقَب، ونلتزم بوضع الوسم أو الختم المميِز لنا على كل القطع التي نصنعها”.
وأشار إلى وجود ذهب سوري ممهور بخاتم جمعية الصاغة في دمشق، وهو الذهب كان يمثل ودائع أو حُلي اللاجئين قبل سفرهم إلى تركيا.
وحول مراحل الترخيص للسوريين لمحال بيع وورشات صناعة الذهب، أوضح حسون، أن الإجراءات مشابهة للمهن الأخرى، فهي تحتاج لترخيص شركة أولاً وتعيين محاسب تركي يقوم بالإجراءات ودفع الالتزامات المالية للبلدية والصحة والمالية، غير أن الحكومة تفرض على محال الصاغة، ضرائب تزيد عن تلك المفروضة على محال تجارية أخرى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق